• آخر الأخبار

    الأربعاء، 6 مايو 2020

    ماذا يستفيد الشعب من الصادرات؟





    هذا ليس درساً في مبادئ علم الاقتصاد.. ولا هو سؤال رجل بسيط يريد أن يعرف.
    ولكنه تساؤل مشروع من جانب مواطن حائر..
    ما جدوى أن تثور أنفاس الدولة السودانية وتلهث في سبيل تصدير منتجاتنا الى العالم إذا كان العائد يضر الدولة و الشعب ناهيك عن ان ينفعهما !
    كيف؟
    دول الدنيا والعالمين تصدر منتجاتها لكي تجلب عملات صعبة فتزيد ثروتها بين الامم.. ولكي تستطيع ان تستورد كل ما ينقصها من سلع وخدمات بما يزيد رفاهية شعبها وقوة جيشها وبما يمكنها من تمويل مشاريع بنيتها الاساسية ويوفر خدماتها العامة فتكون الدولة في مصافي الدول ويكون شعبها عزيزا مكرماً فهذا هو واقع الحال في هولندا والسويد وماليزيا والامارات والسعودية والكويت ووو الخ.
    نحن في السودان نصدر اللحوم والمواشي والصمغ العربي ونصدر الذهب والحبوب الزيتية والقطن والذرة والفول والسمسم والاعلاف والفواكه والخضراوات ووالخ بما تتجاوز قيمته 10 مليار دولار سنويا فماذا استفدنا من هذه الصادرات على مر السنوات؟
    لا شيء جدير بالذكر.
    كل عائدات التصدير تذهب الى جيوب التجار سواء تلك التي يجري تهريبها عبر حدودنا مع الدول المختلفة او حتى التي تخرج بصورة رسمية وقانونية كلها لا تستفيد الدولة ولا الشعب منها شيئا يستحق الذكر.
    الشعب جائع لا يجد خبزا ولا لحماً بسعر معقول ولا يجد دواء بسعر في حدود دخله ولا يجد وسيلة تنقل ولا خدمات كهرباء ومياه منتظمة.
    سيقول قائل ولكن اذا لم نصدر فسوف يتضرر المزارع البسيط لأنه لن يجد سوقا واسعارا جيدة لمنتجاته؟
    حسنا كم نسبة هؤلاء المزارعين المستفيدين من التصدير بالنسبة للاربعين مليون سوداني ؟ ربما اقل من 1% لأن معظم مزارعينا التقليديين يزرعون بقدر استهلاكهم ولا يفيض لديهم الا القليل فهل نضحي بمصلحة 99% من الشعب لنحمي مكاسب 1%؟
    نعم إن الشريحة المستفيدة استفادة ملموسة من تصدير المنتجات في مجموعها لا تتعدى 400 الف نسمة( الارقام تقريبية وواقعية) وهذه الفئة تتضمن عدد قليل لا يتجاوز 10 الف تاجر ياخذون 90% من عوائد الصادر وبالدولار.. واما ال 390 الف مزارع وسمسار فينالون ماتبقى من فتات عائد الصادر وبالعملة المحلية.. وهكذا فالنتيحة هي ان ثروة الوطن تذهب الى جيوب 10 ألف تاجر او صاحب شركة لا يتوقف طمعه عند حد مهما خرجت الثورات واسقطت الحكومات وتعالت اصوات المعذبين في الارض… تذهب قطط سمان وتأتي قطط اسمن منها لتمتص دم المساكين وتحت نظر واستسلام بل وتواطؤ الحكومات والمسؤولين.
    وليت الامر يتوقف عند هذا الحد بل يتعداه إمعاناً في الضرر حين يمارسون تجارة العمل في السوق الاسود بما جنوه من قيمة الصادرات بعيدا عن سلطة الدولة وهكذا يتسبب ارتفاع سعر الدولار في مضاعفة معدلات التضخم/ الغلاء ويستثمرون مافاض عندهم من ثروة دولاية مهولة في اسواق اجنبية لصالح دول وشعوب اخرى .
    الى متى يستمر هذا الحال المائل والظلم المبين وعجز الحكومات ازاءه؟.
    نعود الى سؤالنا الاول: لماذا نفتخ باب تصدير منتجاتنا إذاً؟
    من منظور اقتصادي علمي ادعو العقلاء النزهاء ان ينظروا جدياً في أمر المقارنة بين مزايا تصدير منتجاتنا وخيراتنا في ظل هذا الواقع المتقدم وصفه وبين ان توقف الدولة تصدير السلع التي هي خارج سيطرتها والتي يتحكم فيها التجار مع تشديد اجراءات منع التهريب.
    يجب ان تصدر الحكومة المنتجات التي تستطيع التحكم فيها وفي عوائدها بما يسمح لها بأن توفر قيمة فواتير الواردات الضرورية فقط ( كالوقود والقمح والدواء والسلاح ومدخلات الانتاج وقطع الغيار الخ).
    نحسب أن وقف تصدير الحبوب والخضر والفواكه واللحوم سوف يجعل اسعارها في متناول يد المواطن الغلبان وسوف يشجع على زيادة قيمتها المضافة عبر تصنيعها ( في صورة زيوت والبان واجبان ومنتجات لحوم ومربى وملابس قطنية ومنتجات جلدية) بما يوفر الكفاية والعدالة الاجتماعية في توزيع الدخل بصورة افضل من تصديرها.
    لماذا لا تكتفي الدولة بتصدير الصمغ والذهب والكردي والسنمكة لتوفير 5 مليار دولار تكفيها لسد حاجتها من الواردات الاساسية بعد التخلص من مئات السلع الكمالية والعبثية والسامة احيانا.
    واما عائدات الجمارك والضرائب التي ستخسرها من جراء هذا التوجه فيمكنها تعويضها بقرار واحد هو اقرب للتقوى.. انه تحويل التريليونات التي يجبيها ديوان الزكاة لتصب بأورنيك 15 في ميزانية الدولة بدل ان تترك لبعض الموظفين ليتصرفوا فيها حسب تقديراتهم بينما الفقراء والمساكين واقفون صفاً صفاً ليس لهم الا الجوع والمسغبة.
    ايرادات الزكاة تغطي عجز الموازنة العامة وتفيض..فكروا جدياً في وقف تصدير الحبوب واللحوم والخضروات والفواكه والقطن والسمسم لكي يكتفي الشعب ويشبع في حياته مرة من خيراته التي حباه الله بها بدل ان يجني هذا الخير كله حفنة من التجار قساة القلب على مدى السنين.
    يبقى ان نقول إن اغلاق باب التصدير امام هؤلاء التجار سوف يدفعهم نحو استثمار اموالهم الضخمة فيما ينفع العباد والبلاد في مجالات الصناعة والتعدين والخدمات بما يعزز الازدهار ويوفر فرص العمل للشباب ويخفض الغلاء ويرفع قيمة الجنيه.
    د. محمد عبدالقادر سبيل
    الامارات

    التيار نت 
    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    مرحب بكم في مجلة الزعيم الإخبارية

    Item Reviewed: ماذا يستفيد الشعب من الصادرات؟ Rating: 5 Reviewed By: الصادق الشايب الجيلي
    Scroll to Top