• آخر الأخبار

    الخميس، 28 يوليو 2022

    كبد الحقيقة د . مزمل أبو القاسم رحيل المريخابي العجوز




     كبد الحقيقة

    د . مزمل أبو القاسم

    رحيل المريخابي العجوز

    * نعى الناعي أستاذ الأجيال، الشاعر والملحن والمبدع السر أحمد قدور، الذي أسلم الروح إلى بارئها بعد عمر مديد، احتشد بالإبداع، وحمل أطناناً من الروائع، وما لا يمكن وصفه من الأدب الرفيع، والشعر الجميل.

    * حزنت البلاد من أدناها إلى أقصاها لوداع المبدع الذي أطربنا وأشجانا ووثق لأدبنا ومغنانا، عبر كتبه وبرنامجه الأشهر والأعظم والأعلى مشاهدةً في تاريخ البرامج التلفزيونية السودانية (أغاني وأغاني).

    * من الصعب الإحاطة بإرث السر قدور، الذي اجترح أجمل الأشعار، وألف أروع الأغاني، ومثل سفراً يصعب تجاوزه في تاريخ الفن السوداني.

    * كثيرة هي الأغنيات التي صدرت عن السر قدور، وكانت أشعاره تأتي ملحنة فور ميلادها، بعبقرية فذة، أنتجها عقل مبدع، فلا تحتاج من مؤديها إلى كثير عناء.

    * كتب السر قدور العديد من الأغنيات الجميلة، ومنها أهزوجته الأشهر والأجمل (أرض الخير) التي ترنم بها أبو الفن السوداني إبراهيم الكاشف رحمة الله عليه للمرة الأولى في افتتاح إستاد المريخ عام 1965، فلاقت ذيوعاً كبيراً، وأصابت شهرةً خلدتها عبر الأجيال.

    * (أرض الخير إفريقيا مكاني.. زمن النور و العزة زماني.. فيها جدودي.. جباهم عالية.. جباهم عالية.. مواكب ما بتتراجع تاني.. أقيف قدامها.. وأقول للدنيا أنا سوداني.. أنا إفريقي أنا سوداني.. أنا بلدي.. بلد الخير والطيبة

    أرض وخزاين.. فيها جناين.. قمرها بيضوي.. ما بغيب ابداً دايماً باين.. نورها بيهدي ليالي حبيبة.. عليها أغني وأقول للدنيا أنا سودااني.. إنا افريقي انا سوداني.. شمسك طلعت وأشرق نورها بقت شمسين.. شمس العزة ونورها الأكبر.. هلت شامخة زي تاريخي قوية وراسخة.. ملت الدنيا و خيرنا بيكتر.. خيرنا بيكتر خيرنا بيكتر.. شمس إيماني بأوطاني.. ده الخلاني أقول للدنيا أنا سودااني.. أنا إفريقي..أنا سوداني).

    * من الصعب حصر إرث السر قدور الفني، فإنتاجه الغزير ارتبط بإجادة عالية، وحس فني مرهف، وكلمات موغلة في الرقة والروعة، وألحان بديعة، لا تصدر إلا من فنان حقيقي ولد مبدعاً بالفطرة.

    * من أغنياته التي افتتن بها الناس (حنيني إليك) التي أداها الأستاذ محمد ميرغني بحنجرته الجميلة، فسارت على الألسن، وترنم بها أهل السودان في كل مكان.

    * منها (أنا بهواك) لمحمد عيسى، (واتلاقينا مرة) للأستاذ الموسيقار والفنان المبدع العاقب محمد الحسن، ومنها (ست البنات) للراحل صلاح بن البادية، والعشرات من الأغنيات الجميلة.

    * لم يكن السر قدور رحمة الله عليه مجرد شاعر أو ملحن مبدع، ولم يكتف بتعميد نفسه على قمة هرم الجيل الثاني من شعراء الحقيبة في السودان، بل عمل صحافياً في عدة صحف منها، جريدة الناس، كما عمل على إعداد وتقديم التمثيليات الإذاعية القصيرة التي تبث ضمن برامج إذاعية أخرى مثل برامج الأسرة والمرأة والطفل والتعاون والإرشاد الزراعي وغيرها.

    * ألف السر قدور عدداً من النصوص المسرحية من بينها مسرحية (المسمار) التي أدى دور البطولة فيها الأستاذ علي مهدي في ثمانينيات القرن الماضي ومسرحيات (الرجل الذي ضحك أخيراً) و (شهر العسل الرابع) و(يحلها الشربكها).

    * السر قدور مؤلف مجيد، صدرت له أربعة مؤلفات عمل بها على توثيق مسيرة الفن السوداني وكان أحدهما بعنوان (الفن السوداني في خمسين عاماً 11908- 1958) والآخر بعنوان (الحقيبة شعراء وفنانون) والثالث كتاب (أحمد المصطفى فنان العصر)، والرابع كتاب (الكاشف أبو الفن).

    * ارتبط السر قدور رحمة الله عليه بالمريخ العظيم وكان محباً له، عاشقاً لانتصاراته، متابعاً لمبارياته، وموثقاً لبطولاته، وكتب فيه أجمل الأشعار، سيما في صحيفة الناس، التي وثق فيها قدور للمتوالية الأشهر في مسيرة القمة السودانية شعراً، عندما فاز المريخ على الهلال ثماني مرات متتالية.

    * عندما فاز النجم القاهر على الهلال بأربعة أهداف لاثنين في العام 1969، كتب السر قصيدته الشهيرة التي منح بها المريخ لقب (سيد البلد)، وكتب فيها: (ماشين معانا مضمنين.. جكسا الخطير كابتن أمين.. ومعاهو مين.. شاويش متين وأسد العرين.. ووصلنا في الميدان هناك.. شافونا جينا محملين ومكملين.. قدورة بني وقاقارين.. جادو وجقدول الأمين.. عزيز وأب داؤود يفوروا مسخنين.. راكبين سفينة (نوح) سوا.. عز الطلب والمستوى.. ناس الهلال ما مصدقين.. انبهطوا قعدوا ممحنين.. وفتحنا نحن المدرسة والفرفشة والحربسة.. وجادو بكّر ولعّبها.. سبت اتلخم كيف يحبسها.. ولطيفة يا لعب المسا.. لو عندي نظارة ألبسها.. عشان أشوف المدرسة.. وناس الهلال اتمسكنوا واتعكننوا واتجننوا.. يا خلق استاروستا وين.. يمرق منو وينذر منو.. يطلع أمين يدخل سعيد.. يجيب منو.. وحين كانوا لسه يطنطنوا.. جاد الله جاب تالت كمان.. أهل الهلال بدوا يلعنوا.. يا جكسا أمرق خلها.. كفى يا ولد.. بتقول شنو؟ تستجرى على (سيد البلد)؟ أهو ده الدحيش يظهر كِبِر.. قال شنو؟ قال مافي ناس بتهاونوا.. يا فرحة كانت في وهم.. بقوا في شكل.. بس الفضل يتباطنوا.. ومريخنا داك فنو اتبهل.. عمّ الروابي والسهل.. وسجلنا رابع بالفنون.. والشيء ببين من معدنو.. وسألنا أخوان في الهلال.. بالله يا ود الحلال.. ده هلال شنو)؟

    * بتلك القصيدة البديعة منح السر المريخ أجمل ألقابه (ٍسيد البلد)، بشهادة ميلاد لا تقبل النقض.

    * سنفتقد ضحكة قدور المجلجلة في شهر الصيام الحالي، وسيبكيه ملايين السودانيين كلما أتت سيرة (أغاني وأغاني)، الذي حمل دمغة السر اللذيذة، وأسلوبه البديع في السرد القصصي، بما لا يحتمل الملل.

    * سيفتقده المريخ الذي شكل رفيقاً لدربه، وقد وجه السر قبل فترة وجيزة من رحيله المريخ رسالة ريانة المعاني لأهل المريخ، طالبهم فيها بالوحدة، والبعد عن الخلاف والشقاق، سعياً إلى رفعة النادي الكبير.

    * ألا رحم الله السر أحمد قدور بقدر ما قدم لوطنه وأهله ومحبي فنه الرفيع، وستبقى مسيرته الفنية الحافلة منارةً لا تنطفئ للإبداع، ومعلماً بارزاً من معالم الفن والأدب في السودان.

    * إنا لله وإنا إليه راجعون.

    آخر الحقائق

    * جمعتني به جلسة أنسٍ بديعة في حفل زواج سفير السودان والمريخ عبد المحمود عبد الحليم بالقاهرة قبل عدة سنوات من الآن، فاستمتعت بها أيما استمتاع.

    * يومها ألقى عليَّ قدور فيها عدداً من القصائد البديعة، ومنها قصيدة خلد بها انتصاراً للمريخ على الهلال بهدف سجله نجمه الشهير جقدول، بتمريرة متقنة من زميله دقنو، وحملت القصيدة عنوان (من دقنو وجقدلِّو)، على وزن (من دقنو وأفتلِّو).

    * قال فيها (من دقنو وجقدلو.. ومن برهوم مجدلو.. الناس كلوا الناس ملوا.. وسط ابتسام عرق انبلوا.. وأميرهم تاه بين الباكات.. احتار زنقوهو النفاثات.. جرى ود الديم غلبو يحلو.. ومتوكل أصبعو شنكلو.. قام ود الأشول شاورلو.. ود الاشول فاضي محلو.. من حتتو ديك البرهوم فات.. أرسل باصات.. وعبد الماجد بي قوتو شات.. هزّ الشبكات.. يا حسرة عليك يا أبو الأسبات.. واقع محتار.. حاضن ضلو).

    * لعل أبناء الأجيال الجديدة سيعانون لمعرفة أسماء اللاعبين الذين ذكرهم السر قدور في أهزوجته الجميلة.

    * منهم دقنو، مدافع المريخ الشهير الذي شكل صخرةً استعصت على المهاجمين.

    * ومنهم برهوم، أي إبراهومة سيد الاسم، أشهر صانع ألعاب في تاريخ المريخ والكرة السودانية، وقد صنع معظم الأهداف التي سجلها المريخ في مرمى الهلال خلال المتوالية التي صرع فيها الزعيم وصيفه الأبدي ثماني مرات متتالية.

    * ومنهم الأمير صديق منزول الملق بالأمير، أشهر وأحرف لاعب في تاريخ الهلال.

    * ومنهم ود الديم المدافع الأشهر في تاريخ الهلال.

    * ومنهم عبد الماجد الشهير بماجد أبو جنزير الذي مزق شباك الهلال 11 مرة في المتواليات.

    * ومنهم الحارس الأشهر سبت دودو، الذي أشار إليه السر بوصف (أبو الأسبات).

    * وبالطبع منهم جناح المريخ النفاثة عبد الوهاب عبد الفضيل، الشهير بجقدول.

    * عندما فازت الموردة على الهلال وأقدمت جماهير الهلال على حصب الملعب بالحجارة في الخمسينات، وتزامنت المباراة مع عودة نجم النجوم برعي للملاعب بعد غيبة كتب قدور: (عاد الأستاذ.. باصاتو قزاز.. بالرِجل شديد بالهَيد ممتاز.. بلا كتر زعيق بلا جدع قزاز)!

    * عندما فاز المريخ على الهلال بهدف نجمه شبر وفاز بكأس الملك فيصل كتب قدور أهزوجته الشهيرة (طبع الملوك)، وقال فيها: (طبع الملوك نسج الكفر.. زي الوتر.. حسن السلوك مريخ ظهر.. جبار أغر.. ما بلحقوك.. شربوا البحر والدنيا حر ما حصلوك.. هم جربوك.. لامن ختمت الأربعة.. وختمتهن بالأربعة.. بلعب نضيف مش برطعة.. هم أنكروك.. وشافوك أمس.. زي الشمس.. آه يا نمس.. سريت حبيب بكيت عدوك.. في لعبة كان ما أجملها.. خلتني أرجع للشعر.. من غير سعر.. واللعبة تاني أفصلا.. وأخنتلا.. وأجملها وأسجلها.. زي الشبر ما سجلها.. واحد صفر.. وأقفلها.. زي العزيز ما قفلها.. وكان منتصر)!

    * رحم الله السر قدور المبدع المحب للسودان وأهله ونيله وأرضه وإنسانه.. العاشق المحب للمريخ العظيم.

    • Blogger Comments
    • Facebook Comments

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق

    مرحب بكم في مجلة الزعيم الإخبارية

    Item Reviewed: كبد الحقيقة د . مزمل أبو القاسم رحيل المريخابي العجوز Rating: 5 Reviewed By: الصادق الشايب الجيلي
    Scroll to Top