.jpg)
·
رحيق رياضي احمد محمد الحاج :
فاجعة تريرة (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
□ هناك من لا يكترث للأخبار السياسية ومن لا يهتم كثيراً لتحريك القنوات أو إستماع الإذاعات أو حتى تقليب صفحات منصَات التواصل الإجتماعي ولكن مع ذلك فهو سمع بأن هناك طفل مغربي سقط في بئر عميق وهناك محاولات إنقاذ جارية لإنتشال الطفل من أعماق البئر ليحرّك الطفل (ريان) الذي توفّي لاحقاً إنتباه العالم أجمع في لحظات وجيزة ليتعاطف مع أسرته الكثيرون وتجد مسببات الحادثة إصلاحات شاملة.
□ صدى الحادثة وجد إهتماماً من وسائل الإعلام المغربية في المقام الأول ينقل مباشر للأحداث ومتابعات لحظة بلحظة لتأتي المحطات العالمية بالخبر وما يحيط به من خفايا ودهاليز بتفصيل ينشده المتلقي وينتظره كل من تابع الحادثة المذكورة.
□ سقطت دموعي دون أن أشعر وأحسست بألم شديد واعتصرني حزن لا مثيل له وأنا أطالع (ورقة) مدوّن عليها عبارة (ولاية سنار – محلية السوكي – قرية تريرة مرفع – قائمة بأسماء شهداء حادثة غرق المركب) والعدد (23) وما ابلتعه النهر ولازال البحث جارياً عنهم كثر وقنواتنا تعج بطرب شديد وعبط أشد وهبل ما أنزل الله به من سلطان.
□ لم يكترث أحد لتفاصيل التفاصيل وكان العنوان الرئيسي فقط لتناول الخبر على (إستحياء) غرق مركب بها عمال زراعيين كانوا بصدد الذهاب للحصاد في الضفة الأخرى من النهر.
□ ستبكون معي عندما تعلمون أن السيّد (قاسم أبكر علي كافي) فقد (أربعة من بناته بالغرق في المركب المشؤوم) وهن كوثر (سادس أساس)، بلقيس (رابع أساس)، زينب (خامس أساس) إضافة إلى فاطمة.
□ سيعتصركم الألم برفقتي عندما تعلمون أن السيّد (عبد الرازق أبكر علي كافي) فقد هو الآخر (ثلاثة من فلذّات كبده) وهم إبنه عباس (خامس أساس)، وإبنتيه عائشة ورانيا واللتان تدرسان في مرحلة الأساس أيضاً.
□ وعلي أبكر الذي فقد إبنتيه (خديجة ورقية)، وبحر الدين الذي فارق فلذّتي كبده (فاطمة وآسيا)، وموسى بابكر الذي لن يرى إبنتيه (أمينة ونور المدينة) مجدداً، وحسن محمد الذي فارق (صفية وزينب)، وسليمان وعوض وعصام وزكريا ومقدم وعلي مقدم وبابكر محمد وعوض محمد الذي فقد كل منهم (حليمة – رحمة – فاطمة – عائشة – شريفة – حفصة – رابعة وعائشة عوض).
□ وفوق كل ذلك فقدت أسرة (أبكر على كافي) ست عشرة حفيدة وحفيد واحد ويا لها من مآساة كانت تستحق أن تفرد لها قنواتنا الفضائية البث المباشر ومتابعة تفاصيل التفاصيل لمسببات الحدث المؤلم برعاية من مجلس السيادة الإنتقالي بمكونيه المدني والعسكري.
□ حتى كتابة هذه الأسطر تم العثور فقط على (ثلاثة عشر جثّة) ولا زلن هناك (عشر مفقودات) أي ألم هذا الذي مزّق فؤاد تريرة عن أبكرة أبيها.
□ حاولت مراراً وتكراراً ولازت في الوصول لذوي هذا الفقد الجلل لأقترب أكثر من الأسباب وأهداف العبور للضفة الأخرى ومشاكل إنسان المحلية فإن صح بأن هؤلاء التلاميذ كانوا بصدد المشاركة في الحصاد لتوفير قوت اليوم لذويهم فتلك غصّة أخرى تعترض الحلق وألم يمزّق الدواخل ويبكيني مجداً.
□ يا ترى كيف هو حالهّن (أمهات) تلك الجواهر التي ابتلعها النهر وبإذن الله يكن لهن شفيعات يوم لا ظل إلا ظلّه ويحلقن طيوراً في الجنة برحمته.
□ هذا الظل الذي كان يبحث عنه (إنسان الريف) الذي يصارع الأهوال ويتكبّد المشاق ويتلفّح بالعناء لتوفير (القوت) لإنسان (المركز) و (المدن) ولا يجد أبسط مقومات العمل.
□ قوارب بالية ومراكب أكل عليها الدهر وشرب ومن المؤسف أن تتكرر حوادث النقل النهري في الأرياف بسبب عدم وجود قوارب حديثة تحتوي على أبسط مقومات السلامة ومع ذلك يجتهد إنسان تلك المناطق في كسب لقمته بالحلال بالعمل في الزراعة والصيد.
□ قسماً أنني كلما كتبت فقرة أتخيّل بيوتات فريق تلك الأسر وما يحويها من حزن وألم لفئة مكانها المنزل ومراجعة الدروس ومساعدة الأمهات في شهر رمضان وليس السعي للحصاد والتكسّب الحلال لمجابهة بعبع الفقر.
□ وااااااااااااااااااااااا أسفاً على قنواتنا الفضائية القبيحة التي تتسابق على الأغاني ونشر العبط والهبل والسخف ويااااااااااا أسفاً على حكومة لم ترسل حتى وفداً لتقديم واجب العزاء لهذا الفقد الجلل ولتطمين إنسان (تريرة) بأن تلك الفاجعة ستكون نواة لإصلاح مستقبلي.
□ (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
□ اصبروا يا ذوي الفقداء فبشراكم من رب العالمين وليس من جنس بشر.
.jpeg)
 ){kind=link}
0 التعليقات:
إرسال تعليق
مرحب بكم في مجلة الزعيم الإخبارية